فلما كان بعد ذلك حبس آخر! فلما كان بعد أيام حبس آخر. فلما كان اليوم السابع من ذلك اليوم دفن ليوم الخميس لسبع عشرة مضت من شعبان من هذه السنة، وله من العمر تسع وثلاثون سنة، وصلى عليه ابنه أبو نصر وولي بعده القضاء. وقول ابن خلكان: بأنه عزل عن حسبة بغداد بأبي سعيد الأصطخري قول ضعيف لا يسامح بمثله، فإن أبا سعيد توفي في سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، فكيف يعزل به ابن الحجاج وهو لا يمكن ادعاء أن يلي الحسبة بعده أبو سعيد الأصطخري، وابن خلكان قد أرخ وفاة هذا الشاعر بهذه السنة، ووفاة الاصطخري بما تقدم. وفي سنة سبع وأربعين من أيامه أخذت الفرنج دمياط والسلطان الملك الصالح مريض فمات ليلة نصف شعبان فأخفت جاريته أم خليل المسماة شجرة الدر موته وأرسلت إلى ولده توران شاه الملك المعظم فحضر ثم لم يلبث أن قتل في المحرم سنة ثمان وأربعين وستمائة وثب عليه غلمان أبيه فقتلوه وأمروا عليهم جارية أبيهم شجرة الدر وحلف لها الأتراك ولنائبها عز الدين أيبك التركماني فشرعت شجرة الدر في الخلع للأمراء والأعطيات. مات في الطاعون في نصف سنة ثلاث وخمسين. وفي سنة ست وتسعين توقف النيل بمصر بحيث كسرها ولم يكمل ثلاثة عشر ذراعا وكان الغلاء المفرط بحيث أكلوا الجيف والآدميين وفشا أكل بني آدم واشتهر ورئي من ذلك العجب العجاب وتعدوا إلى حفر القبور وأكل الموتى وتمزق أهل مصر كل ممزق وكثر الموت من الجوع بحيث كان الماشي لا يقع قدمه أو بصره إلا على ميت أو من هو في السياق وهلك أهل القرى قاطبة بحيث إن المسافر يمر بالقرية فلا يرى فيها نافخ نار ويجد البيوت مفتحة وأهلها موتى.
وذكر أنه أنفق في بعض الرماضانات على نفسه وعياله درهما واحدا وأربعة دوانيق ونصف، وما كنا نعرف من هذه الطبائخ شيئا، إنما هو باذنجان مشوي، أو باقة فجل، أو نحو هذا. كما أنا لو فكذلك أنتم إذا أعجزنا أو بدا لنا فليس بعضكم أحق بالحرمان من بعض أو بالحمل عليه أو بالاعتذار إليه من بعض. قال المكي: دخل إسماعيل بن غزوان إلى بعض المساجد يصلي. قال الدارقطني: كان ثقة، توفي بالكوفة. قالوا: كان عبد النور كاتب إبراهيم بن عبد الله بن الحسن قد استخفى بالبصرة في عبد القيس من أمير المؤمنين أبي جعفر وعماله. فلت: وعلى هذا فقد وجد من الاثني عشر خليفة الخلفاء الأربعة والحسن ومعاوية وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز هؤلاء ثمانية ويحتمل أن يضم إليهم المهتدي من العباسيين لأنه فيهم كعمر بن عبد العزيز في بني أمية وكذلك الطاهر لما أوتيه من العدل وبقى الاثنان المنتظران أحدهما المهدي لأنه من آل بيت محمد ﷺ. وفي حشوة المتكلمين أخلاق قبيحة وفيهم على أهل الكلام وعلى أرباب المنيوم للحمام الصناعات محنة عظيمة.
وعلى رأسهم ابو اصيل